الأستاذ الفائض: تحليل قانوني لشرعية الإلزام بالحضور اليومي في ظل غياب المهام



مقدمة: إشكالية الأستاذ الفائض بين النص القانوني والممارسة الإدارية

تعتبر وضعية "الأستاذ الفائض" إحدى الإفرازات الطبيعية لعمليات تدبير الموارد البشرية في قطاع التربية الوطنية بالمغرب، وهي وضعية إدارية مؤقتة تنشأ بفعل متغيرات تطرأ على البنية التربوية للمؤسسات التعليمية، أو كنتيجة مباشرة لنتائج الحركات الانتقالية السنوية. ورغم أن هذه الوضعية تهدف في جوهرها إلى تحقيق التوازن وسد الخصاص وضمان تمدرس قار للتلاميذ، فإنها تثير في الممارسة العملية مجموعة من التساؤلات القانونية الدقيقة التي تمس جوهر العلاقة بين الموظف العمومي والإدارة، خاصة في الفترة التي تسبق إعادة تكليف الأستاذ المعني بمهام جديدة.

تتمحور الإشكالية الرئيسية التي يتناولها هذا التقرير حول مدى قانونية القرار الإداري الصادر عن مدير مؤسسة تعليمية، والقاضي بإجبار أستاذ تم تصنيفه "فائضاً" ولا يتوفر على جدول حصص، على الحضور اليومي للمؤسسة وفق التوقيت الإداري المعمول به. 

هذا الوضع يضعنا أمام تقاطعات قانونية معقدة تتطلب تحليلاً متعمقاً لثلاثة محاور أساسية: 

  • أولاً، الواجبات العامة للموظف كما يحددها النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وعلى رأسها الالتزام بالحضور والمواظبة.
  •   ثانياً، السلطة التقديرية المخولة للرئيس الإداري المباشر، المتمثل في مدير المؤسسة، في تنظيم العمل وتدبير شؤون الموظفين الخاضعين لسلطته، وحدود هذه السلطة. 
  • ثالثاً، خصوصية النصوص التنظيمية، وتحديداً المذكرات الوزارية، التي تؤطر عملية تدبير الفائض والخصاص في قطاع التعليم.

وعليه، ينبثق السؤال المحوري لهذا التحليل: 

هل يعتبر الحضور الجسدي اليومي للأستاذ الفائض، في غياب تام لأي مهام تدريسية أو تربوية مسندة إليه، جزء لا يتجزأ من مفهوم "وضعية القيام بالوظيفة" كما يعرفها القانون، أم أن هذا الإلزام يشكل تجاوزاً لحدود السلطة الإدارية ويرقى إلى درجة الشطط في استعمال السلطة؟ 

للإجابة على هذا التساؤل، سيعتمد هذا التقرير على تحليل النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة، بهدف تقديم رأي قانوني مفصل ومدعم، يمكن الأستاذ المعني من فهم وضعيته الإدارية وحقوقه وواجباته بشكل دقيق.

الفصل الأول: الإطار القانوني والتنظيمي لوضعية "الفائض" في قطاع التربية الوطنية

لفهم الأبعاد القانونية لوضعية الأستاذ الفائض، لا بد من العودة إلى النصوص التنظيمية التي وضعتها وزارة التربية الوطنية لتأطير هذه الحالة الإدارية. وتعتبر المذكرة الإطارية رقم 056x15 الصادرة بتاريخ 6 مايو 2015 المرجع الأساسي في هذا الباب، حيث تحدد بدقة معايير تحديد الفائض والمسطرة المتبعة لتدبيره.

المبحث الأول: تعريف وتحديد الفائض وفق المذكرة الإطارية 056x15

أرست المذكرة الإطارية رقم 056x15 آلية واضحة وشفافة لتحديد الفائض من هيئة التدريس، بهدف تجاوز التقديرات الاعتباطية وضمان الموضوعية في هذه العملية الإدارية الحساسة. وتعتمد هذه الآلية على نظام تنقيط دقيق يأخذ بعين الاعتبار المسار المهني للأستاذ.

معايير التنقيط:

تستند عملية تحديد الفائض إلى ثلاثة معايير أساسية، يمنح لكل منها عدد محدد من النقط:

  • الأقدمية العامة: تحتسب نقطة واحدة عن كل سنة من الخدمة الفعلية ابتداءً من تاريخ التوظيف.2 هذا المعيار يعطي قيمة للخبرة الإجمالية للموظف في قطاع التعليم.

  • الأقدمية بالمديرية الإقليمية: تمنح نقطة واحدة عن كل سنة ابتداءً من تاريخ التعيين بإحدى المؤسسات التابعة لنفوذ المديرية الإقليمية (النيابة الإقليمية سابقاً). ويعكس هذا المعيار استقرار الموظف وارتباطه بالمنطقة الجغرافية للعمل.

  • الأقدمية بالمؤسسة: يمنح هذا المعيار الأهمية الكبرى، حيث تحتسب نقطتان (2) عن كل سنة ابتداءً من تاريخ التعيين بالمؤسسة الحالية. والهدف من ذلك هو تثمين الاستقرار المهني داخل المؤسسة الواحدة وحماية حقوق الأساتذة القدامى فيها.

آلية الترتيب وتحديد الفائض:

بعد تحديد البنية التربوية للمؤسسة وإسناد جداول حصص كاملة لجميع الأساتذة العاملين بها، يتم اللجوء إلى مجموع النقط المحصل عليها لترتيب الأساتذة تنازلياً. الأستاذ الذي يحصل على أقل عدد من النقط هو الذي يتم اعتباره فائضاً. وفي حالة التساوي في النقط بين أستاذين أو أكثر، يتم اللجوء إلى معايير ترجيحية بالترتيب التالي: الأقدمية العامة، ثم الأقدمية بالمديرية الإقليمية، ثم الأقدمية بالمؤسسة، وأخيراً عامل السن (الأكبر سناً له الأولوية).

الفئات المستثناة:

حرصاً على استقرار فئات معينة من الأطر التربوية ذات التخصصات النادرة أو الكفاءات العالية، استثنت المذكرة الإطارية بشكل صريح فئتين من الخضوع لعملية تحديد الفائض، وهما:

  • الأساتذة المبرزون.
  • الأساتذة حاملو شهادة الدكتوراه الذين قضوا على الأقل خمس سنوات من العمل بهذه الصفة.

يظهر جلياً من خلال هذه المقتضيات أن المشرع التنظيمي سعى إلى وضع قواعد إجرائية دقيقة وموضوعية. هذا التركيز على "كيفية" تحديد الفائض يهدف إلى ضمان الشفافية وتفادي أي شكل من أشكال المحسوبية أو التواطؤ التي قد تقع بين بعض الإداريين والنقابات، وهو ما عبر عنه بعض المتدخلين في الشأن التربوي. لكن هذا التركيز على الجانب الإجرائي أغفل عن قصد أو عن غير قصد تحديد "ماهية" الوضعية القانونية للأستاذ الفائض وواجباته اليومية الدقيقة خلال فترة الانتظار، مما خلق فراغاً تنظيمياً تستغله السلطة التقديرية للإدارة المحلية.

المبحث الثاني: مسطرة تدبير الفائض والفترة البينية قبل التكليف

بمجرد تحديد لائحة الأساتذة الفائضين على مستوى المؤسسة، تنطلق مسطرة إدارية تهدف إلى إعادة توظيف هذه الموارد البشرية لسد الخصاص في مؤسسات أخرى. هذه المسطرة تمر عبر مراحل متدرجة تبدأ من النطاق المحلي (الجماعة) لتصل إلى النطاق الإقليمي.

إجراءات إعادة التكليف:

تنص المذكرات المنظمة على إلزام جميع الأساتذة الفائضين بالمشاركة في عملية تدبير الخصاص. تبدأ العملية بتنظيم حركة محلية داخل الجماعة، حيث يتم الإعلان عن المناصب الشاغرة ويفتح الباب أمام الفائضين والراغبين في الانتقال للتباري عليها. بعد استنفاد هذه الإمكانية، وفي حال استمرار وجود فائض وخصاص على مستوى المديرية الإقليمية، يتم اللجوء إلى تكليف الفائضين لسد الخصاص في أي جماعة تابعة لنفوذ المديرية، وذلك من أجل "المصلحة". ومن المهم الإشارة إلى أن الأستاذ الذي يتم تكليفه في هذا الإطار يحتفظ بجميع حقوقه في منصبه الأصلي، بما في ذلك الأقدمية بالمؤسسة، ويعتبر التكليف وضعية مؤقتة.

نقطة الفراغ القانوني:

تكمن الإشكالية الحقيقية في الفترة الزمنية التي تفصل بين لحظة إعلان الأستاذ "فائضاً" ولحظة صدور قرار التكليف الرسمي بتعيينه في مؤسسة أخرى. هذه الفترة، التي قد تطول أو تقصر، هي التي تشكل "فترة بينية" غير مؤطرة بشكل واضح. فالمذكرات المنظمة  تركز بشكل شبه حصري على إجراءات تحديد الفائض وكيفية إعادة توزيعه، لكنها تسكت تماماً عن تحديد الوضعية الإدارية للأستاذ، ومهامه، وواجباته اليومية داخل مؤسسته الأصلية خلال هذه الفترة.

هذا الفراغ التنظيمي يفتح الباب على مصراعيه أمام تأويلات مختلفة. فالأستاذ الفائض، من الناحية القانونية الصرفة، لا يزال موظفاً في وضعية "القيام بالوظيفة" تابعاً لمؤسسته الأصلية، حيث لم يصدر أي قرار إداري يغير من وضعيته (كالإلحاق أو الاستيداع). ومع ذلك، من الناحية الواقعية، هو موظف "بدون وظيفة" محددة، حيث تم سحب مهمته الأساسية وهي التدريس. هذا التناقض بين الوضع القانوني الرسمي والواقع العملي هو المصدر الأساسي للنزاع المحتمل بين الأستاذ ومدير المؤسسة، وهو ما يجعل من وضعية "الفائض" وضعية "واقعية" أكثر منها وضعية "قانونية" محددة المعالم.

الفصل الثاني: التزامات الموظف العمومي في ضوء النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية

للإجابة على إشكالية مدى قانونية إلزام الأستاذ الفائض بالحضور، يجب تجاوز النصوص التنظيمية الخاصة بقطاع التعليم والعودة إلى الشريعة العامة التي تحكم جميع الموظفين العموميين، أي النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الصادر بظهير 24 فبراير 1958. هذا النص التأسيسي يحدد حقوق وواجبات الموظفين، ويقدم مفاهيم أساسية تساعد في تحليل الوضعية قيد الدراسة.

المبحث الأول: مفهوم "وضعية القيام بالوظيفة" والتزام الحضور

يعتبر مفهوم "وضعية القيام بالوظيفة" حجر الزاوية في تحديد التزامات الموظف. يعرف الفصل 38 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية هذه الوضعية بشكل دقيق، حيث ينص على أن الموظف يعتبر في وضعية القيام بالوظيفة "إذا كان مرسماً في درجة ما ومزاولاً بالفعل مهام إحدى الوظائف المطابقة لها بالإدارة التي عين بها".

تأويلات متباينة للنص القانوني:

هذا التعريف، رغم وضوحه الظاهري، يفتح الباب أمام تأويلين متعارضين عند تطبيقه على حالة الأستاذ الفائض:

  • التأويل الشكلي (وجهة نظر الإدارة): يركز هذا التأويل على الجزء الأول من التعريف وعلى الوضعية الإدارية العامة للموظف. فبما أن الأستاذ الفائض لا يزال مرسماً في إطاره، ويتقاضى أجرته كاملة من ميزانية الدولة، ولم يصدر أي قرار رسمي يغير وضعيته الإدارية (مثل الإلحاق أو الاستيداع)، فإنه يظل من الناحية الشكلية في وضعية "القيام بالوظيفة". وعليه، فهو ملزم بالبقاء رهن إشارة إدارته، وأبسط تجلٍ لهذا الالتزام هو الحضور الفعلي إلى مقر العمل خلال أوقات العمل الرسمية. هذا التفسير يميل إلى اعتبار الحضور واجباً قائماً بذاته، منفصلاً عن وجود مهام فعلية.

  • التأويل الموضوعي (وجهة نظر الموظف): يركز هذا التأويل على عبارة محورية في الفصل 38 وهي "مزاولاً بالفعل مهام". هذه العبارة تربط بشكل صريح وواضح بين وضعية القيام بالوظيفة ووجود مهام فعلية يزاولها الموظف. من هذا المنظور، فإن غياب المهام الأساسية (التدريس) يفرغ مفهوم "القيام بالوظيفة" من محتواه الجوهري. وبالتالي، لا يمكن إلزام الموظف بالحضور لمجرد الحضور، بل يجب أن يكون هذا الحضور مبرراً بوجود عمل أو مهام يؤديها. هذا التفسير يجسد مبدأ "الأجر مقابل العمل"، حيث أن الأجر الذي يتقاضاه الموظف هو مقابل لعمل فعلي يؤديه.

التمييز بين وضعية الفائض وترك الوظيفة:

من الضروري التمييز بشكل قاطع بين حالة الأستاذ الفائض الذي يلتزم بتعليمات الإدارة (حتى لو اعترض عليها) وحالة "ترك الوظيفة" التي ينظمها الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي. فترك الوظيفة هو انقطاع الموظف عن عمله بشكل متعمد وغير مبرر قانوناً. في هذه الحالة، تتبع الإدارة مسطرة صارمة تبدأ بتوجيه إنذار للموظف للعودة إلى عمله، وفي حال عدم استجابته، يمكنها إصدار عقوبة العزل مباشرة. الأستاذ الفائض الذي يحضر إلى المؤسسة ويوقع على ورقة الحضور، أو الذي يتواصل مع الإدارة للاستفسار عن مهامه،
لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره في حالة ترك للوظيفة، بل هو موظف يضع نفسه رهن إشارة الإدارة في انتظار تحديد مهامه.

المبحث الثاني: مبدأ المسؤولية وأداء المهام (الفصل 17)

يقدم الفصل 17 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية مبدأً قانونياً آخر يدعم التأويل الموضوعي، حيث ينص على أن "كل موظف كيفما كانت رتبته في السلك الإداري مسؤول عن القيام بالمهام التي عهد بها إليه".

هذا النص يربط بشكل لا لبس فيه بين مفهومي "المسؤولية" و"المهام المعهود بها". فالمسؤولية الإدارية للموظف لا تنشأ من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة لتكليفه بمهام محددة من قبل رؤسائه. وبمفهوم المخالفة، إذا لم تعهد الإدارة (سواء المديرية الإقليمية أو مدير المؤسسة) بأي مهام واضحة ومحددة للأستاذ الفائض، فإن نطاق مسؤوليته يصبح غير محدد، بل ومنعدماً.

يطرح هذا الوضع سؤالاً جوهرياً:

هل يمكن مساءلة موظف إدارياً أو تأديبياً عن عدم أداء مهام لم تسند إليه أصلاً؟

الجواب المنطقي والقانوني هو بالنفي. فلا يمكن للإدارة أن تحاسب الموظف إلا على أساس تقصيره في أداء واجباته، والواجبات تنبثق من المهام المكلف بها. هذا الاستنتاج يضعف بشكل كبير الأساس القانوني الذي قد تستند إليه الإدارة لإلزام الأستاذ بالحضور اليومي المطلق دون تكليفه بأي عمل. فإذا كان الحضور هو لمجرد إثبات الوجود، فإنه يصبح واجباً شكلياً لا تترتب عليه أي مسؤولية عملية، مما يجعله إجراءً إدارياً فاقداً للجدوى والمشروعية.

إن هذا التوتر بين مفهوم "رهن الإشارة" الذي تتبناه الإدارة، ومفهوم "الأجر مقابل العمل الفعلي" الذي يستند إليه الموظف، يكشف عن منطقة رمادية في التشريع الوظيفي. فالقانون لم يحسم بشكل صريح في هذه الحالات الاستثنائية التي ينفصل فيها الحضور عن الوظيفة. هذا الانفصال يحول واجباً وظيفياً (الحضور لأداء عمل) إلى واجب شكلي (الحضور لإثبات الوجود)، وهنا يكمن جوهر التعسف المحتمل الذي يمكن أن يمارسه الرئيس الإداري.

الفصل الثالث: سلطات مدير المؤسسة وحدودها القانونية

يحتل مدير المؤسسة التعليمية موقعاً محورياً في تدبير الحياة المدرسية اليومية، ويتمتع بموجب النصوص التنظيمية بسلطات واسعة في الإشراف والتنظيم والمراقبة. إلا أن هذه السلطات ليست مطلقة، بل هي مقيدة بضوابط قانونية تهدف إلى ضمان ممارستها في إطار الشرعية وخدمة للمصلحة العامة.

المبحث الأول: الصلاحيات التنظيمية والإدارية للمدير

تمنح النصوص المنظمة لمهام الإدارة التربوية، وعلى رأسها المرسوم رقم 2.02.376 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، مدير المؤسسة صلاحيات واسعة تجعله المسؤول الأول عن كل ما يجري داخل المؤسسة. من بين هذه الصلاحيات ما له ارتباط مباشر بموضوعنا:

  • ضبط خدمات الأساتذة وتنظيمها: هذه الصلاحية تمنح المدير سلطة توزيع المهام والجداول الزمنية وتحديد المسؤوليات.

  • السهر على ضمان حسن سير الدراسة والنظام في المؤسسة: هذا واجب عام يقتضي من المدير اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان استمرارية المرفق العام التعليمي.

  • ترؤس الأساتذة والموظفين والأعوان العاملين بالمؤسسة: بصفته رئيساً إدارياً مباشراً، يخضع جميع العاملين بالمؤسسة لسلطته الرئاسية.

  • الإشراف على تحركات الأساتذة وتتبع مواظبتهم: هذه المهمة تمنحه صلاحية مراقبة حضور وانصراف الموظفين والتأكد من التزامهم بأوقات العمل.

من منظور شكلي، يبدو أن قرار المدير بإلزام الأستاذ الفائض بالحضور يندرج ضمن هذه الصلاحيات العامة. فالأستاذ الفائض لا يزال، من الناحية الإدارية، موظفاً عاملاً بالمؤسسة، وبالتالي فهو يخضع لسلطة المدير الرئاسية وواجباته الإشرافية. غير أن هذا الفهم السطحي لا يأخذ بعين الاعتبار الضوابط التي تحكم ممارسة هذه السلطة.

في مواجهة وضعية غير مؤطرة بنص واضح كوضعية الأستاذ الفائض، يميل المدير غالباً إلى اتخاذ القرار الأكثر أماناً من الناحية الإدارية، وهو تطبيق القاعدة العامة (الحضور اليومي) على الجميع دون تمييز. هذا القرار يحميه من أي مساءلة محتملة من طرف رؤسائه في المديرية الإقليمية حول "التساهل" مع موظف يتقاضى أجراً دون عمل. وبالتالي، فإن قرار المدير قد لا يكون بالضرورة نابعاً من رغبة في التعسف، بقدر ما هو نتاج لثقافة إدارية حذرة تفضل الالتزام بالشكل على المرونة والاجتهاد في غياب نص صريح.

المبحث الثاني: مبدأ "المصلحة الإدارية" كضابط للسلطة التقديرية

إن سلطة المدير، رغم اتساعها، ليست سلطة مطلقة، بل هي مقيدة بمبدأ الشرعية، وبغاية أساسية هي تحقيق "المصلحة الإدارية" أو "مصلحة المرفق العام". هذا المبدأ يعني أن كل قرار إداري يجب أن يكون له هدف مشروع وغاية تخدم الصالح العام، وأي قرار يتخذ لغاية أخرى يعتبر قراراً مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة.

عند تطبيق هذا المبدأ على حالة الأستاذ الفائض، يصبح السؤال هو: هل قرار إلزامه بالحضور اليومي الكامل، في غياب أي مهام، يخدم مصلحة إدارية حقيقية وواضحة؟

الحجة المؤيدة للقرار (منظور المدير): قد يبرر المدير قراره بأن وجود الأستاذ داخل المؤسسة يخدم المصلحة الإدارية، لأنه يجعله متاحاً وجاهزاً للتدخل في أي لحظة للقيام بمهام طارئة. على سبيل المثال، يمكن تكليفه بتعويض أستاذ غائب بشكل مفاجئ، أو المشاركة في الإشراف على التلاميذ في الساحة، أو المساعدة في تنظيم نشاط تربوي غير مبرمج. من هذا المنظور، فإن وجوده "احتياطياً" هو في حد ذاته خدمة للمرفق العام.

الحجة المعارضة للقرار (منظور الأستاذ): ترد هذه الحجة بأن المصلحة الإدارية يجب أن تكون حقيقية وملموسة، لا افتراضية ومحتملة. فإذا مرت أيام وأسابيع دون أن يتم تكليف الأستاذ بأي مهمة فعلية، فإن حجة "الوجود الاحتياطي" تضعف وتفقد مصداقيتها. ويتحول الحضور اليومي من إجراء احترازي إلى عقوبة مقنعة وإهدار للطاقات البشرية. في هذه الحالة، يصبح القرار الإداري مجرداً من غايته، وقد يشكل انحرافاً بالسلطة إذا كان الهدف الحقيقي منه هو الضغط النفسي على الأستاذ أو معاقبته بطريقة غير مباشرة.

إن مفهوم "المصلحة الإدارية" هو مفهوم مرن، وهذا ما يحول النزاع من سؤال حول "هل يملك المدير السلطة؟" إلى سؤال أكثر عمقاً حول "هل استعمل المدير سلطته بشكل معقول ومتناسب لتحقيق مصلحة عامة حقيقية ومثبتة؟". غياب تكليف الأستاذ الفائض بمهام بديلة ومفيدة يضعف بشكل كبير حجة "المصلحة الإدارية" التي قد يتذرع بها المدير، ويقوي في المقابل حجة "الشطط في استعمال السلطة" التي يمكن للأستاذ أن يتمسك بها.

الفصل الرابع: التحليل القانوني لإلزامية الحضور اليومي للأستاذ الفائض

بناءً على ما سبق، يمكن الانتقال إلى تحليل قانوني شامل لقرار الإلزام بالحضور اليومي، وتقييم مدى شرعيته في ظل غياب المهام. هذا التحليل سيقوم على موازنة دقيقة بين سلطات الإدارة وواجبات الموظف، في ضوء المبادئ العامة للقانون الإداري.

المبحث الأول: غياب النص الصريح وعبء الإثبات

النقطة الجوهرية التي يجب الانطلاق منها هي أنه لا يوجد أي نص قانوني أو تنظيمي صريح، لا في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ولا في المذكرات الوزارية المنظمة لتدبير الفائض والخصاص، ينص بشكل مباشر وواضح على إلزامية الحضور اليومي الكامل للموظف الفائض في غياب أي مهام مسندة إليه.

هذا الغياب للنص الصريح له أثر قانوني بالغ الأهمية. ففي القانون الإداري، يقع على الإدارة عبء إثبات شرعية قراراتها، خاصة عندما تمس هذه القرارات بالحقوق أو تفرض التزامات إضافية على الموظفين. بمعنى آخر، لا يمكن للإدارة أن تفرض واجباً إلا إذا كان يستند إلى أساس قانوني واضح.

وعليه، فإن على المدير الذي يصدر قراراً بإلزام الأستاذ الفائض بالحضور أن يكون قادراً على تبرير قراره قانونياً. مجرد الاستناد إلى عبارات عامة مثل "أنت موظف ويجب أن تحضر" أو "هذه هي التعليمات" قد لا يكون كافياً للدفاع عن شرعية القرار أمام قاضٍ إداري في حالة الطعن. يجب على المدير أن يربط قرار الإلزام بالحضور بحاجة حقيقية تقتضيها المصلحة الإدارية، وأن يثبت أن هذا الحضور ضروري لتحقيق غاية مشروعة.

المبحث الثاني: المهام القانونية كشرط لإلزامية الحضور في ضوء النظام الأساسي الجديد

إن السبيل القانوني الوحيد والأكثر سلامة الذي يملكه المدير لإضفاء الشرعية على قرار إلزام الأستاذ بالحضور هو تكليفه بمهام محددة وواضحة داخل المؤسسة. فإذا كان الحضور مرتبطاً بجدول مهام، حتى لو لم يكن جدول حصص تدريسية، فإنه يصبح حضوراً وظيفياً ومبرراً.

في ظل الإطار القانوني الجديد الذي أرساه المرسوم رقم 2.24.140، لم يعد الحديث عن "مهام بديلة" أو "مهام تربوية عامة"، بل أصبح الأمر محصوراً في مهام قانونية محددة تشكل الشرط الوحيد لإضفاء الشرعية على قرار إلزام الأستاذ الفائض بالحضور. فلكي يكون الحضور وظيفياً ومبرراً، يجب أن يرتبط بتكليف واضح للقيام بمهام تندرج حصراً ضمن الاختصاصات التي حددتها المادة 15 من النظام الأساسي الجديد لأطر التدريس.

وعليه، فإن أي تكليف يجب أن يصب في إحدى الخانات الثلاث التالية: "التربية والتدريس"، "التقييم"، أو "المشاركة في تنظيم الامتحانات المدرسية". وأي مهمة تخرج عن هذا النطاق المحدد تعتبر خارجة عن اختصاص الأستاذ وتفتقر إلى السند القانوني.

فيما يلي تفصيل للمهام التي يمكن للمدير تكليف الأستاذ الفائض بها، والتي تجعل حضوره واجباً قانونياً لارتباطها المباشر باختصاصاته:

أولاً: مهام مرتبطة بمجال "التربية والتدريس"

وهي تشمل كل الأنشطة التي تهدف إلى تعليم وتربية التلاميذ، ومن أبرزها:

  • سد العجز الطارئ: تعويض الأساتذة المتغيبين بشكل مؤقت لضمان استمرارية العملية التعليمية-التعلمية.

  • تقديم الدعم التربوي: تنظيم وتقديم حصص دعم وتقوية للتلاميذ، خاصة المتعثرين منهم، في مادة تخصصه أو المواد المتقاربة معها.

  • تنشيط الحياة المدرسية والإشراف التربوي: المساهمة في تنشيط الأندية التربوية (البيئة، المواطنة، الصحة، إلخ) والمساعدة في تسيير المكتبة المدرسية، بالإضافة إلى الإشراف على التلاميذ في الساحة وأثناء الدخول والخروج، باعتبار هذه الأنشطة جزءاً لا يتجزأ من مهمة التربية الشاملة.

ثانياً: مهام مرتبطة بمجال "التقييم"

وتشمل كل ما يتعلق بتتبع وتقييم مكتسبات التلاميذ، مثل:

  • المساعدة في تتبع الملفات المدرسية: المشاركة في تتبع وتقييم مسار التلاميذ من خلال ملفاتهم، والمساهمة في استثمار نتائجهم لتحديد حاجيات الدعم.

ثالثاً: مهام مرتبطة بـ "المشاركة في تنظيم الامتحانات المدرسية"

وتشمل الجانب التنظيمي والعملي للامتحانات، ومنها:

  • الإعداد المادي للامتحانات: المساعدة في تهيئة الظروف المادية لإجراء فروض المراقبة المستمرة والامتحانات الموحدة (إعداد الأوراق، تنظيم القاعات، إلخ).

  • المشاركة في الحراسة: تعتبر حراسة الامتحانات الإشهادية والمحلية وفروض المراقبة المستمرة جزءاً أصيلاً من مهام الأستاذ في هذا الإطار.


إن تكليف الأستاذ الفائض بواحدة أو أكثر من هذه المهام المحددة قانوناً، ويفضل أن يكون ذلك عبر تكليف مكتوب، هو السبيل الوحيد الذي يحول وضعيته من فراغ إداري إلى مساهمة فعالة ومؤطرة قانونياً. في هذه الحالة فقط، يصبح حضوره اليومي واجباً لا جدال فيه، ويكون قرار المدير سليماً لأنه يستند إلى نص قانوني صريح ويهدف إلى تحقيق المصلحة التربوية للمؤسسة.

المبحث الثالث: تقييم شرعية القرار الإداري في غياب المهام البديلة

في الحالة المعاكسة، أي عندما يصر المدير على الحضور اليومي الكامل دون إسناد أي من المهام المذكورة أعلاه، أو أي مهام أخرى ذات جدوى، فإن قراره يصبح هشاً من الناحية القانونية وعرضة للطعن بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية لعدة أسباب:

  • عيب مخالفة القانون (غياب السند القانوني): كما ذكرنا، لا يوجد نص صريح يلزم بالحضور الشكلي. فالقرار لا يستند إلى أي قاعدة قانونية آمرة.

  • عيب انعدام السبب: السبب في أي قرار إداري هو الوقائع المادية والقانونية التي دفعت الإدارة لاتخاذه. في هذه الحالة، ما هو سبب فرض الحضور؟ إذا لم تكن هناك مهام تؤدى، فإن القرار يصبح فاقداً لسببه المبرر.

  • عيب الانحراف بالسلطة: إذا ثبت أن الهدف الحقيقي من وراء القرار لم يكن تحقيق المصلحة العامة، بل كان مجرد الضغط على الأستاذ أو معاقبته بشكل غير مباشر، فإن القرار يكون مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة.

  • مخالفة مبدأ التناسب: يقتضي هذا المبدأ أن يكون القرار الإداري متناسباً مع الهدف المراد تحقيقه. ففرض عبء الحضور اليومي الكامل (8 ساعات يومياً) دون تحقيق أي منفعة مقابلة للمرفق العام هو إجراء غير متناسب بشكل واضح.

لتوضيح هذه النقاط، يقدم الجدول التالي تحليلاً مقارناً لصلاحيات المدير وحدود شرعيتها في حالة الأستاذ الفائض.

 

الصلاحية المنصوص عليها للمدير

النص القانوني المرجعي

التطبيق في حالة الأستاذ الفائض

حدود الشرعية والتحليل القانوني

ضبط خدمات الأساتذة وتنظيمها

المادة 7 من القرار 176 ، المرسوم 2.02.376

المدير يفسر هذه الصلاحية لتشمل فرض الحضور اليومي على الأستاذ الفائض.

الشرعية مشروطة بوجود "خدمات" يتم تنظيمها. في غياب أي مهام أو خدمات مسندة، يصبح القرار تنظيمًا للفراغ، مما يجعله عرضة للطعن لغياب السبب والمصلحة.

الإشراف وتتبع مواظبة الأساتذة

المادة 18 من المرسوم الجديد

المدير يعتبر أن تتبع المواظبة يقتضي الحضور الجسدي اليومي.

المواظبة هي الالتزام بالحضور لأداء واجب. إذا لم يكن هناك واجب محدد، فإن فرض المواظبة يصبح إجراءً شكلياً. الشرعية تقتضي ربط الحضور بمهام محددة (ولو كانت غير تدريسية).

ضمان حسن سير المرفق العام

المادة 11 من المرسوم 2.02.376

المدير قد يدعي أن وجود الأستاذ "احتياطياً" يضمن حسن سير المرفق في الحالات الطارئة.

هذه حجة "المصلحة الإدارية". تكون شرعية إذا كانت الحاجة للوجود الاحتياطي حقيقية ومستمرة. إذا مرت أيام وأسابيع دون تكليف الأستاذ بأي مهمة، تضعف هذه الحجة ويظهر القرار كإجراء غير متناسب.

رئاسة جميع الموظفين العاملين بالمؤسسة

المادة 18 من المرسوم الجديد

الأستاذ الفائض لا يزال موظفاً بالمؤسسة، وبالتالي يخضع لسلطة المدير الرئاسية.

السلطة الرئاسية ليست مطلقة، بل مقيدة بالقانون والمبادئ العامة (المصلحة العامة، التناسب). لا يمكن للسلطة الرئاسية أن تفرض التزامات لا تستند إلى أساس قانوني أو حاجة عمل فعلية.


خاتمة: خلاصة واستنتاجات وتوصيات عملية


يقودنا التحليل المفصل للنصوص القانونية والتنظيمية والمبادئ العامة للقانون الإداري إلى مجموعة من الاستنتاجات الواضحة بخصوص إشكالية إلزام الأستاذ الفائض بالحضور اليومي للمؤسسة.


تلخيص النتائج القانونية


  • غياب النص الصريح: لا يوجد أي نص قانوني أو تنظيمي صريح في المنظومة التشريعية المغربية يلزم الأستاذ الفائض بالحضور اليومي الكامل لمقر عمله في حالة عدم توفره على جدول حصص أو تكليفه بمهام بديلة.

  • وضعية "القيام بالوظيفة": على الرغم من أن الأستاذ الفائض يظل من الناحية الإدارية في وضعية "القيام بالوظيفة" ورهن إشارة إدارته، فإن هذا المفهوم القانوني مرتبط جوهرياً، حسب الفصل 38 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، بـ "مزاولة المهام بالفعل". وبالتالي، فإن غياب المهام يضعف الأساس القانوني لواجب الحضور المطلق.

  • سلطة المدير المقيدة: إن سلطة مدير المؤسسة في تنظيم العمل وتتبع مواظبة الموظفين ليست سلطة مطلقة، بل هي مقيدة بضرورة تحقيق "المصلحة الإدارية". وشرعية قرار فرض الحضور على الأستاذ الفائض تتوقف على إسناد مهام فعلية ومفيدة تبرر هذا الحضور.

  • شبهة الشطط في استعمال السلطة: في حالة إصرار المدير على الحضور اليومي الكامل دون إسناد أي مهام، فإن قراره يصبح قراراً إدارياً ضعيفاً من الناحية القانونية، ويمكن أن يشكل شططاً في استعمال السلطة لكونه يفتقر إلى السبب المشروع، وينحرف عن تحقيق المصلحة العامة، ويخالف مبدأ التناسب.

توصيات عملية للأستاذ:


في مواجهة هذا الوضع، وبدلاً من الدخول في مواجهة مباشرة قد لا تكون في صالحه، يمكن للأستاذ المعني اتباع استراتيجية متدرجة وذكية تهدف إلى حماية حقوقه وتوثيق وضعيته بشكل قانوني سليم:
  • التواصل والحوار الرسمي: الخطوة الأولى يجب أن تكون حواراً هادئاً ورسمياً مع السيد مدير المؤسسة. يمكن للأستاذ أن يطلب بلباقة، وعبر طلب مكتوب يودع لدى إدارة المؤسسة مقابل وصل استلام، تكليفاً رسمياً يحدد المهام المطلوبة منه خلال فترة وجوده بالمؤسسة. هذا الإجراء يضع الكرة في ملعب الإدارة ويجبرها على تحديد موقفها بشكل مكتوب.

  • توثيق الوضعية: من الضروري الاستمرار في توقيع ورقة الحضور اليومية. هذا الإجراء يثبت حسن نية الأستاذ وينفي عنه تهمة التغيب أو ترك الوظيفة، ويشكل دليلاً قوياً لصالحه في حال تطور النزاع. يجب الاحتفاظ بنسخ من أي مراسلات أو طلبات يتم تبادلها مع الإدارة.

  • المبادرة بطلب المهام: لتعزيز موقفه وإظهار انخراطه الإيجابي، يمكن للأستاذ أن يقدم طلباً مكتوباً للمدير يعرض فيه خدماته للمساهمة في أنشطة معينة تخدم مصلحة التلاميذ والمؤسسة، كتقديم حصص دعم، أو المساعدة في المكتبة، أو تنشيط نادٍ تربوي. هذا يثبت أن غياب المهام ليس بتقصير منه، بل هو راجع لعدم تكليفه من طرف الإدارة.

  • اللجوء إلى التسلسل الإداري: في حالة استمرار تعنت المدير ورفضه تكليف الأستاذ بأي مهام مع إصراره على الحضور، يمكن توجيه استفسار مكتوب (تظلم) إلى السيد المدير الإقليمي، يشرح فيه الأستاذ وضعيته ويلتمس تدخل المديرية لتوضيح المهام المنوطة به.

  • الاستشارة والدعم النقابي: التواصل الفوري مع النقابة التعليمية التي ينتمي إليها الأستاذ هو خطوة حاسمة. فالنقابات تملك خبرة واسعة في التعامل مع مثل هذه الحالات، ويمكنها تقديم الدعم والمشورة، والتوسط لدى الإدارة، والدفاع عن حقوق منخريطها.

  • النظر في الإجراءات القانونية: كحل أخير وفي حالة فشل جميع المساعي الودية، يمكن للأستاذ استشارة محامٍ متخصص في القانون الإداري للنظر في إمكانية رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية المختصة، للطعن في قرار المدير الضمني أو الصريح القاضي بإلزامه بالحضور دون مهام، والمطالبة بإلغائه بسبب الشطط في استعمال السلطة.

إذا أعجبك الموضوع، اضغط إعجاب للصفحة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال