الإطار القانوني لمهمة الحراسة في التعليم الابتدائي بالمغرب: تحليل في ضوء النظام الأساسي الجديد والمسؤولية المدنية


مقدمة: إشكالية الحراسة بين النص القانوني والواقع العملي

تجد مؤسسات التعليم الابتدائي العمومي نفسها اليوم في مواجهة إشكالية قانونية وعملية دقيقة، تتمثل في رفض عدد من أساتذة هذا السلك القيام بمهام حراسة التلاميذ خارج الفصول الدراسية، أي في الساحات وأثناء فترات الاستراحة وعند الدخول والخروج. يستند هذا الرفض إلى تفسير قانوني صارم لمقتضيات النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، وتحديداً المادة 15 منه، التي تحدد مهام هيئة التدريس بشكل حصري دون أن تتضمن إشارة صريحة لمهمة "الحراسة". في المقابل، تجد الإدارة التربوية نفسها أمام التزام قانوني وأخلاقي لا يقبل الجدل بضمان سلامة وأمن المتعلمين داخل الفضاء المدرسي طيلة مدة وجودهم تحت عهدتها.

يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل قانوني معمق ومفصل لهذه الإشكالية، من خلال تفكيك النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة، وتوضيح العلاقة بينها استناداً إلى مبدأ تدرج القوانين. سيعتمد التحليل على مقاربة متكاملة تجمع بين القانون الإداري، الذي يحدد مهام الموظف العمومي، والقانون المدني، الذي يؤطر مسؤوليته عن الأفعال الضارة. الغاية من هذا التحليل هي تزويد الفاعلين التربويين، وخاصة الإدارة التربوية، برؤية واضحة ومستندة إلى أدلة قانونية متينة، تمكنهم من تدبير هذا الوضع بما يضمن حقوق جميع الأطراف، ويضع "المصلحة الفضلى للمتعلم" فوق كل اعتبار.

الفصل الأول: تحليل مهام هيئة التدريس في إطار النظام الأساسي الجديد (المرسوم رقم 2.24.140)

يمثل المرسوم رقم 2.24.140 الصادر في 23 فبراير 2024 ، بمثابة النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية، النص التشريعي المرجعي الذي يحدد حقوق وواجبات موظفي القطاع. وقد جاء هذا المرسوم بهدف توحيد المسارات المهنية وتدقيق المهام ، مما يجعل تحليل مقتضياته نقطة الانطلاق الأساسية لفهم أي التزام وظيفي.   

المبحث الأول: المهام الحصرية لأطر التدريس وفق المادة 15

تعتبر المادة 15 من النظام الأساسي الجديد حجر الزاوية في الحجة التي يقدمها الأساتذة الرافضون لمهمة الحراسة. ينص هذا الفصل بوضوح على أن أطر التدريس تتولى القيام بالمهام التالية:

  • التربية والتدريس.
  • التقييم.
  • المشاركة في تنظيم الامتحانات المدرسية.   

إن التحليل الدقيق لهذا النص يكشف عن سمتين أساسيتين: 

أولاهما أن اللائحة وردت بصيغة حصرية، 

وثانيهما هو الغياب التام لأي مصطلح يمكن أن يفيد معنى "الحراسة" أو "الرقابة" كواجب إداري مستقل. 

هذا الغياب ليس مجرد سهو تشريعي، بل يعكس تحولاً جوهرياً في الفلسفة القانونية التي حكمت صياغة هذا النظام الأساسي. ففي السابق، كانت مهام المدرسين تخضع لمزيج من النصوص الصريحة والأعراف الإدارية الراسخة التي كانت تجعل من الحراسة مهمة بديهية. أما النظام الجديد، فقد سعى إلى القطع مع هذا الغموض من خلال الانتقال من المهام المفترضة والمستندة إلى العرف، إلى مسؤوليات محددة ومقننة بشكل صريح. وبهذا، فإن حجة الأساتذة لا تستند فقط إلى فراغ نصي، بل ترتكز على هذا التحول المنهجي الذي يعطي الأولوية للنص القانوني المكتوب على الممارسة العملية المعتادة، مما يمنح موقفهم قوة قانونية معتبرة من منظور القانون الإداري الصرف.   

المبحث الثاني: الالتزامات العامة للموظف كإطار موسع للمهام

على الرغم من حصرية المهام المذكورة في المادة 15، فإن النظام الأساسي ذاته يضع إطاراً عاماً من الواجبات التي تقع على عاتق جميع الموظفين، والتي يمكن من خلالها استنتاج أساس قانوني لتنظيم مهمة الحراسة.

أولاً، تلزم المادة 6 من المرسوم الموظفين بـ "احترام الأنظمة الداخلية لمؤسسات التربية والتعليم والتكوين". هذا المقتضى يمثل مدخلاً قانونياً مباشراً يمكن للإدارة التربوية من خلاله تنظيم مهام إضافية ضرورية لحسن سير المرفق، شريطة أن تكون هذه المهام منصوصاً عليها بوضوح في النظام الداخلي للمؤسسة ومصادقاً عليه وفق المساطر المعمول بها.   

ثانياً، تفرض المادة 7 على الموظفين "الاستحضار الدائم للمصلحة الفضلى للمتعلمين". هذا المبدأ، على الرغم من عموميته، له قوة قانونية ملزمة، ومن المؤكد أن "المصلحة الفضلى للمتعلم" تشمل في المقام الأول حقه في التواجد في بيئة مدرسية آمنة ومحمية من المخاطر، وهو ما لا يمكن ضمانه دون وجود نظام رقابة وحراسة فعال.   

ثالثاً، تنص المادة 4 على أن الوزارة تعمل على توفير "ظروف وبيئة عمل ملائمة، تستجيب لشروط الصحة والسلامة". هذا الالتزام العام الملقى على عاتق الدولة ينعكس بالضرورة كواجب على موظفيها في الميدان لتنفيذ الإجراءات العملية التي تضمن هذه السلامة.   

يظهر هنا توتر مقصود في النص التشريعي بين التحديد الدقيق للمهام في المادة 15، الذي يمنح الموظف يقيناً قانونياً، والمبادئ العامة والفضفاضة في المواد 4 و6 و7، التي تمنح الإدارة المرونة اللازمة لضمان استمرارية المرفق العام وسلامة مرتفقيه. هذا التوتر ليس خللاً تشريعياً، بل هو سمة من سمات القانون الإداري الحديث الذي يتطلب الموازنة بين الحقوق والواجبات. فالسؤال القانوني الجوهري لا يصبح "هل الحراسة مدرجة في لائحة المهام؟

بل "هل تنظيم الحراسة هو إجراء ضروري لتفعيل المبادئ الملزمة قانوناً المتعلقة بسلامة المتعلم ومصلحته الفضلى؟".

الفصل الثاني: قيمة وأثر المذكرات الوزارية والنصوص التنظيمية الأدنى درجة

في خضم الجدل القائم، يتم الاستناد إلى عدد من المذكرات الوزارية لتبرير أو نفي إلزامية الحراسة. إلا أن تحليل هذه النصوص يجب أن يخضع لمبدأ أساسي في القانون، وهو مبدأ تدرج القوانين، الذي يعني أن النص الأدنى درجة لا يمكنه أن يخالف أو يضيف إلى النص الأعلى درجة.

المبحث الأول: تحليل المذكرات الوزارية في ضوء مبدأ تدرج القوانين

المذكرة رقم 190: يتم أحياناً الخلط بين مفهومي "المداومة" و"الحراسة". يجب الحسم بشكل قاطع بأن المذكرة رقم 190 غير ذات صلة بالموضوع، فهي تتعلق بتنظيم "المداومة" الإدارية خلال العطل وفترات الراحة، وتخص "هيئة التسيير" (المدير، الناظر، الحارس العام...) في مؤسسات "التعليم الثانوي". بالتالي، لا يمكن الاستناد إليها إطلاقاً في تنظيم الحراسة اليومية للتلاميذ في التعليم الابتدائي.   

المذكرة رقم 70-01: تشير بعض الدراسات القانونية النقابية إلى أن الإدارات التربوية تستند إلى هذه المذكرة لتوزيع مهام الحراسة على الأساتذة، وقيمتها القانونية تبقى محدودة. فبصفتها مذكرة وزارية، أي نصاً تنظيمياً، فإنها تأتي في مرتبة أدنى من المرسوم رقم 2.24.140. ووفقاً لمبدأ تدرج القوانين، لا يمكن لمذكرة وزارية أن تنشئ التزاماً جديداً لم يرد في المرسوم. إن استمرار الإدارة في الاعتماد على مذكرة قديمة لتبرير ممارسة حالية يمثل خطأ استراتيجياً، لأنه يوفر للطرف الآخر الحجة الأقوى لإبطال التكليف بناءً على مبدأ قانوني واضح. يجب على الإدارة أن تبني موقفها على أسس أكثر صلابة، كالمبادئ العامة للمرسوم وقانون المسؤولية المدنية، وليس على مذكرة تنظيمية ضعيفة الحجية.   

المذكرة رقم 87 بشأن تفعيل الحياة المدرسية: تركز هذه المذكرة على الأدوار التربوية والتنشيطية للأستاذ، من خلال دعمه للتلاميذ والمساهمة في تطوير المناهج وتنظيم الأندية. إن غياب أي إشارة صريحة فيها لمهمة الحراسة يعزز الطرح القائل بأن رؤية المشرع لدور الأستاذ تتجه نحو الجانب البيداغوجي والتربوي أكثر من الجانب الرقابي الإداري.   

المبحث الثاني: النظام الداخلي للمؤسسة كأداة تنظيمية ملزمة

إذا كانت المذكرات الوزارية لا تصلح كأساس قانوني متين لفرض مهمة الحراسة، فإن النظام الداخلي للمؤسسة يمثل الأداة الأنسب والأكثر فعالية لتنظيمها. فكما سبقت الإشارة، تلزم المادة 6 من النظام الأساسي الجديد جميع الموظفين باحترام الأنظمة الداخلية.   

يمكن للنظام الداخلي، الذي يتم إعداده بشكل تشاركي وعرضه على مجلس التدبير للمصادقة عليه ، أن يفصّل الإجراءات العملية لضمان سلامة التلاميذ. ويمكن أن يتضمن بنوداً واضحة تنظم عملية الحراسة، وتحدد كيفية توزيعها بين العاملين بالمؤسسة بشكل عادل ومنصف. وتوضح بعض نماذج الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليمية (الخصوصية على وجه الخصوص) كيفية صياغة هذه البنود، حيث تنص المادة 38 من أحد النماذج على أن "المدرس أو المكلف بالحراسة يلتزم بضبط التلاميذ والتدخل عند الضرورة لتلافي وقوع الحوادث"، وتنص المادة 41 على أن "المدرس يصطحب تلاميذه من مكان وقوفهم بالساحة إلى الفصل".   

بذلك، يصبح النظام الداخلي هو الوثيقة التعاقدية التي تترجم المبادئ العامة للسلامة والمصلحة الفضلى للتلميذ إلى إجراءات عملية ملزمة للجميع داخل المؤسسة.

جدول مقارن للنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بمهام الأستاذ

النص القانوني

النوع

الموضوع الرئيسي

مدى التطبيق على حراسة أساتذة الابتدائي

ملاحظات قانونية (حجية النص)

مرسوم رقم 2.24.140

مرسوم (نص تشريعي)

النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية

غير مباشر: لا يذكر الحراسة في المهام الحصرية (المادة 15) لكنه يلزم باحترام النظام الداخلي (المادة 6) ومراعاة مصلحة المتعلم (المادة 7).

حجية مطلقة: النص الأعلى درجة في تحديد المهام الإدارية. لا يمكن لنص أدنى أن يخالفه.

الفصل 85 مكرر ق.ل.ع

قانون (نص تشريعي)

المسؤولية المدنية للمعلمين

مباشر وملزم: يفرض "واجب الرقابة" القانوني على المعلمين خلال وجود التلاميذ تحت عهدتهم.

حجية مطلقة: يحدد المسؤولية القانونية العامة، وهو واجب قائم بذاته بغض النظر عن المهام الإدارية.

المذكرة رقم 70-01

مذكرة وزارية (نص تنظيمي)

حصص العمل الإداري بالابتدائي

محل نزاع: كانت تستخدم عرفياً كأساس لتوزيع الحراسة.

حجية ضعيفة: قيمتها القانونية أدنى من المرسوم. لا يمكنها فرض التزام لم يرد في نص أعلى درجة.

المذكرة رقم 190

مذكرة وزارية (نص تنظيمي)

مداومة هيئة التسيير بالثانوي

غير منطبق إطلاقاً.

خاصة بفئة أخرى (الإدارة) وسلك آخر (الثانوي).

النظام الداخلي للمؤسسة

لائحة تنظيمية (نص تنظيمي)

تنظيم سير العمل بالمؤسسة

مباشر وملزم: يمكن أن ينظم ويفصّل مهمة الحراسة بشكل صريح، ويصبح ملزماً للموظفين بموجب المادة 6 من المرسوم.

حجية قوية (بشروط): يجب أن يكون مصادقاً عليه وألا يخالف النصوص الأعلى درجة. هو الأداة الأنسب لتنظيم المهمة عملياً.

الفصل الثالث: المسؤولية المدنية للأستاذ وواجب الرقابة كالتزام قانوني أصيل

إن حصر النقاش في نطاق القانون الإداري والمهام المنصوص عليها في النظام الأساسي هو قراءة منقوصة للإشكالية. فهناك بعد آخر لا يقل أهمية، وهو بعد المسؤولية المدنية التي ينظمها قانون الالتزامات والعقود، والتي تفرض على المدرس واجباً قانونياً أصيلاً بالرقابة.

المبحث الأول: قراءة معمقة في مقتضيات الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود

ينص الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود بشكل لا لبس فيه على أن: "يسأل المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم". هذا النص يؤسس لالتزام قانوني مباشر ومستمر، وهو "واجب الرقابة".   

من الضروري هنا التمييز بين مصطلحين: "الحراسة" كمهمة إدارية يتم تنظيمها عبر جداول زمنية، و"الرقابة" كواجب قانوني عام ومستمر لا يسقط بغياب نص إداري ينظمه. فالتزام المعلم بالرقابة ليس مجرد مهمة إضافية يمكن قبولها أو رفضها، بل هو جزء لا يتجزأ من مسؤوليته القانونية تجاه التلاميذ المعهود بهم إليه. وتمتد هذه الرقابة لتشمل كل الأوقات التي يكون فيها التلاميذ في عهدة المؤسسة، سواء داخل الفصول أو خارجها في فترات الاستراحة والدخول والخروج.   

تقوم هذه المسؤولية على أساس "خطأ واجب الإثبات" ، أي أن الطرف المتضرر هو من يقع عليه عبء إثبات أن المعلم قد ارتكب خطأ أو إهمالاً أدى إلى وقوع الضرر. ويعتبر الفقه والقضاء أن "ترك التلاميذ دون حراسة" هو المثال الأبرز لهذا الخطأ الذي تترتب عليه المسؤولية. وفي حالة موظفي التعليم العمومي، تحل الدولة محل الموظف في أداء التعويضات، لكن هذا لا ينفي قيام الخطأ في جانبه، مع احتفاظ الدولة بحقها في الرجوع عليه.   

المبحث الثاني: التوفيق بين غياب المهمة الإدارية ووجود المسؤولية القانونية

هنا يكمن مفتاح حل الإشكالية. حجة الأساتذة ترتكز بشكل حصري على القانون الإداري (لائحة المهام في النظام الأساسي)، بينما هاجس الإدارة الأساسي هو تجنب الحوادث المدرسية وما يترتب عليها من مسؤولية قانونية تندرج ضمن القانون المدني (الفصل 85 مكرر). نحن إزاء مجالين قانونيين مختلفين يتقاطعان في فضاء المدرسة.

الأساتذة على حق عندما يقولون إن "الحراسة" ليست مدرجة كمهمة إدارية صريحة في المادة 15. والإدارة على حق عندما تؤكد أن "الرقابة" هي واجب قانوني لا يمكن التملص منه. إن الدور المنوط بمدير المؤسسة، والذي تشمل مهامه "السهر على تنظيم حراسة وحركية التلاميذ بالمؤسسة" ، هو بالضبط ترجمة الواجب القانوني المجرد (الرقابة) إلى إجراء إداري ملموس (جدول الحراسة).   

وبالتالي، فإن جدول الحراسة الذي يعده المدير ليس استحداثاً لواجب جديد لم ينص عليه القانون، بل هو تنظيم لآلية تنفيذ واجب قانوني موجود مسبقاً. وعليه، فإن رفض الأستاذ القيام بمهمة الحراسة المدرجة في جدول معتمد من الإدارة لا يعتبر مجرد رفض لمهمة إدارية، بل هو فعل يخلق "فراغاً في الرقابة"، مما يعرض سلامة التلاميذ للخطر، ويعرض المؤسسة للمساءلة القانونية، وقد يعرض الأستاذ نفسه لإجراءات تأديبية لتقصيره في أداء واجب عام من واجبات الحيطة والسلامة.

  المبحث الثالث: إلزامية الحراسة كأساس للمسؤولية الإدارية وتجسيد لواجب اليقظة

إن إلزامية قيام الأستاذ بمهام الحراسة في التعليم الابتدائي لا تستمد شرعيتيتها من النصوص التنظيمية التفصيلية فحسب، بل تجد أساسها القانوني الأعمق في مبادئ المسؤولية الإدارية التي كرسها الاجتهاد القضائي المغربي. فكما يتضح من التحليل المستفيض لقرارات محكمة النقض في شأن الحوادث المدرسية، فإن المبدأ العام المستقر عليه هو قيام مسؤولية الدولة على أساس "الخطأ المرفقي" المفترض بمجرد وقوع ضرر للتلميذ داخل أسوار المؤسسة. هذا المبدأ يقوم على اعتبار أن الدولة، ممثلة في الأطر التربوية والإدارية، يقع على عاتقها التزام قانوني أصيل بضمان سلامة التلاميذ وحمايتهم، وهو التزام ناتج عن "نشاط المرفق العام".

ومن هذا المنطلق، فإن واجب الحراسة والمراقبة في الساحة وأثناء الدخول والخروج ليس مجرد مهمة إدارية إضافية، بل هو التجسيد العملي والمباشر لواجب اليقظة والحيطة الذي يقع على عاتق المرفق ككل. فالقاضي الإداري، عند نظره في نازلة حادثة مدرسية، لا يبحث عن خطأ شخصي ارتكبه أستاذ بعينه، بل يعتبر أن مجرد وقوع الحادثة هو دليل على أن "واجب الرقابة والتنظيم" لم يؤدَّ على الوجه الأكمل، مما يشكل خطأً مرفقياً تترتب عليه مسؤولية الإدارة.

وعليه، فإن رفض القيام بالحراسة لا يمكن تبريره بغياب نص صريح يذكرها بالاسم في النظام الأساسي، لأن هذا الواجب يُعد جزءاً لا يتجزأ من صميم العمل التربوي الذي تقتضيه حماية القاصرين الموجودين تحت الرقابة الفعلية للمؤسسة. فالقيام بالحراسة هو في جوهره تنفيذ للالتزام القانوني العام الذي يحمي المرفق من المسؤولية، ويحمي الأستاذ نفسه من خلال إبقاء تصرفاته ضمن نطاق "الخطأ المرفقي" المحتمل، وتجنب السقوط في دائرة "الخطأ الشخصي الجسيم" الذي قد ينشأ عن الإهمال الفادح لواجب الرقابة الأساسي.

 وفي يلي مقتطفات من بعض قرارات محكمة النقض:










إذا أعجبك الموضوع، اضغط إعجاب للصفحة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال